هناك خطأ شائع يقع به أصحاب المواقع عندما يخططون لدفع مواقعهم نحو صدارة نتائج البحث دفعًا عشوائيًّا وهو الاعتماد فقط والتركيز على مجموعة جاهزة من الأدوات المُتعارف عليها والتي تُستخدم لتحسين ترتيب مواقعهم على نتائج البحث، ولعل أشهر هذه الأدوات:
- إضافات ووردبريس الجاهزة لتحسين محركات البحث، مثل: Yoast, RankMath, All in one …
- ربط الموقع بأدوات مشرفي المواقع google search console
- أدوات خارجية لتحليل المنافسين: ahrefs, semruch
- أدوات تحليل الكلمات المفتاحية: Ubersuggest, keyword tool
- أدوات تحليل الروابط المعطوبة
- … وغيرها من الأدوات
كل هذه أدوات احترافية ودقيقة لتطوير محتوى الموقع وتصدّره هذا أمر لا خلاف عليه إطلاق وأنا شخصيًّا اعتمد عليها كثيرًا.
إذًا أين تكمن المشكلة في اعتماد الجميع عليها؟ في الحقيقة هذه هي المشكلة بالفعل! الكل يعتمد عليها ويركّز فقط وفقط عليها…
لنكن واقعيين إتقان العمل على هذه الأدوات أصبح يسيرًا وليس بالأمر المعقد، لذا ببساطة سيتمكن الجميع من خلال هذه الأدوات من جعل مواقعهم تتصدر نتائج البحث… وآلاف المواقع ستحقق معايير السيو التي تقترحها هذه الأدوات ….
تخيل السيناريو الذي سيحصل الآن وضع نفسك الآن مكان جوجل ومحركات البحث، كيف ستختار أفضل 10 مواقع من بين آلاف المواقع التي استخدمت جميعها أدوات تحسين السيو وجميعها تقريبًا تستوفي المعايير الأساسية للسيو “بفضل أدوات تحسين السيو” ؟ كيف؟؟
الجواب باختصار هو الهدف الأساسي من اختراع خوارزميات البحث وتصدر النتائج والسيو وغيره، الجواب هو…. المحتوى. نعم قيمة المحتوى الذي تقدمه للقراء ومعرفتك بالضبط لما يبحث عنه القارئ أو العميل وتقديم قيمة حقيقة تضيف فائدة علمية أو عملية للقارئ.
سأحكي لك قصةً قصيرة حدثت عند إنشاء أحد مواقعي، والتي تبرهن لنا على أرض الواقع ما تحدثنا عنه. كان الهدف من الموقع هو توجيه الجمهور المُستهدف من المحتوى لصفحات معيّنة على ذلك الموقع من خلال منصات التواصل الاجتماعي أو من خلال البريد الإلكتروني.
أنشأت الموقع بالاعتماد على منصة ووردبريس والإضافات الأساسية، وربطته بأداة Google Analytics؛ التي كان الهدف منها معرفة عدد الزيارات التي تأتيني من المصادر التي اعتمدت عليها فقط لجلب الزوار للمواقع (وهي مواقع التواصل والبريد الإلكتروني)، وبالتالي تجاوزت أبسط بديهيات السيو، مثل ربط الموقع بـ search console أو عمل خريطة XML أو اعتماد على إضافة سيو، تجاوزتها بالمطلق، تخيل !
ثم بدأت خطة التسويق لمحتوى الموقع كما أعددت لها عبر توجيه الزوار من خلال منصات التواصل والبريد الإلكتروني إلى تلك الصفحات، والمفاجئة الأولى أنني حصلتُ على عدد جيد من الزيارات…. عدد لا بأس به!
جميع المجريات حتى تلك اللحظة كانت منطقية ولا تدعو إلى ذلك الاستغراب الكبير، لكن ما حدث بعدها كان مفاجئًا جدًا!
فبعد انتهائي من حملاتي التسويقية للموقع بفترة لا بأس بها وإهمالي للموقع بالمطلق، وجدت أن إحدى الصفحات التي كنت أوجه الزوار لها ما زالت تأتي لي بزيارات شهرية رغم أنني قطعت جميع الأنشطة التسويقية للمحتوى من خلال وسائل التواصل أو البريد الإلكتروني بالمطلق!
بدافع الفضول الطبيعي رغبت في معرفة مصدر هذه الزيارات، وببحث سريع عن إحصائيات الصفحة وتفاصيل السيو لها وجدت أنه قد أُرشفت الصفحة تلقائيًّا وفق كلمات مفتاحية قوية تتعلق بموضوع الصفحة وأن هذه الصفحة أصبحت تأتي بزيارات شهرية من خلال محركات البحث!
ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أن محركات البحث اكتشفت قيمة حقيقة لمحتوى هذه الصفحة وأن زيارات حقيقة مفيدة من قبل القرّاء كانت تأتي لها، فصنّفتها بكلمات مفتاحية يستهدفها من يبحث عن محتوى الصفحة بشكل تلقائي ودون أي تدخل منّي!
السبب في ذلك أن هذه الصفحة لم تكن صفحة بيعية فقط، بل كانت تضيف قيمة كبيرة للقارئ وتقدم فائدة كبيرة مقارنة بالصفحات الأخرى والتي كانت تستهدف الكلمة المفتاحية ذاتها لصفحتي والتي أرشفتها وفقها محركات البحث بشكل تلقائي، رغم أن الصفحات المنافسة لم تترك أداة سيو واستخدمتها ببراعة قل نظيرها!
هذه القصة القصيرة تشير بوضوح إلى الفرق بين الاعتماد على الأدوات مقارنة بالاعتماد على القيمة. لا أقول هنا أن أدوات تحسين السيو قد ولّت أيامها، لا لا أبدًا بل ما أحاول الوصول إليه هو ضرورة التأكيد على قيمة المحتوى والعمل على إضافة فائدة حقيقة للقارئ الذي يصل إلى موقعك واستخدم تلك الأدوات للوصول له.
تحيل الأمر على أنك ذلك الطبّاخ الماهر الذي يهتم بتقديم وجبة شهيّة تفي بتطلعات الزبائن وما يبحثون عنه من المذاق اللذيذ، ويُوظّف في سبيل ذلك المطعم وتجهيزاته وتصميمه الداخلي الجذّاب والإعلانات المختلفة لإيصال وجبته اللذيذة للعملاء، لا أن يعتمد على فخامة مطعمه وإعلانات الشوارع ومنصات التواصل لجذب الزبائن فقط، ثم ماذا، لا يكون الطبق كما يشتهيه الزبائن ولا تكون تلك الوجبة التي يبحثون عنها.
منذ أيام نشرنا تجربة أفضل إضافات SEO لووردبريس لتحسين ظهور موقعك
، وتحدّثنا عن أشهر الإضافات في هذا المجال وتوصيتنا بالفعل لاستخدام الإضافة المناسبة والميزات التي ستقدّمها لها لتحسين ظهور موقعك في محرك البحث. وبالتالي مرّة أخرى لا نرفض إضافات السيو جملةً بل أوصيك باستخدامها في موقعك دون أن تكتفي بها.
مفاجأة أشاركها معك من أحد مواقعي!
حتى لا تظن أن هذه القصة من نسج خيالي او مجرد مبالغة لا أساس لها من الصحة أو أنها مجرد نظرية لا أؤمن بها حقًّا، حتى لا تظن ذلك سأشارك لقطة شاشة ستدهشك من أحد مواقعي، والتي يظهر بها نتيجة SEO ومؤشر القراءة، أغلبه باللون البرتقالي وباللون الأحمر!
ولمن لا يعرف دلالة هذه الألوان، فهي الألوان التي تعتمد عليها أداة Yoast SEO لتعطيك مؤشرًا على قابلية قراءة المحتوى وتحليل SEO للمقالة الخاصة بك والتي يظن الكثيرون أنها…. المعيار الأوحد والأكثر أهمية لتصدر المحتوى لنتائج البحث.
حيث أن دلالة الألوان:
- اللون الأخضر: إلى أن نتيجة التحليل جيد
- اللون البرتقالي: أن نتيجة التحليل مقبولة
- اللون الأحمر: أن المحتوى يحتاج إلى تحسينات
وجود هذه المؤشرات الحمراء على كثير من مقالات موقعي وحقيقة أنها تظهر بفضل الله في النتائج الأولى على محركات البحث، يعني أمرًا واحدًا، وهو أن الاعتماد على تلك المؤشرات في تقييم المحتوى الخاص بك ليس بالأمر الصحيح أبدًا.
السيو كما لم تخطط له من قبل
في الحقيقة ما أريد أن أوجهه لك من خلال هذه الرسالة، وحتى لا أطيل عليك، أن ما تحتاج إلى الاعتناء به في رحلة تحسين ظهور موقعك على محركات البحث هو 5 نقاط ذهبيّة، ألا وهي:
- معرفة الشريحة المستهدفة التي تخاطبها بالمحتوى الخاص بك
- معرفة اهتمامات الشريحة المستهدفة والمحتوى الذي ينتظرونه منك
- تحديد الكلمات المفتاحية الأكثر أهمية لهم (وليست الأكثر بحثًا)
- تقديم المحتوى الذي يلبي نية الزائر من البحث وليس المهيأ لخوارزميات محركات البحث
- ضع في المقام الأول أنك تقدم المحتوى دائمًا للزائر وليس لمحرك البحث
أكرر للضرورة! هذه النصيحة لا تعني الاستغناء عن استخدام الأدوات التي سردتها لك في البداية وتحدثت عنها ولكن الهدف الأسمى هو الوصول إلى محتوى ذو قيمة وفائدة حقيقة للزائر ثم استخدام أدوات السيو للوصول لذلك الهدف، لا أن تعدَّ تلك الأدوات أهدافًا بحدّ ذاتها.
خذ خطوة من الآن
عليك من الآن إعادة التفكير في كيفية التخطيط للمحتوى الذي تقدمه للمستخدمين والذي تستهدف به محركات البحث، سواءًا كان هذا المحتوى عبارة عن: مقالات، أو منتجات، أو خدمات … فقط ابدأ بتحديد احتياجات المستخدم وكيف ستقدم له محتوى يلبي تلك الاحتياجات.
ثم وظّف مبادئ وأساسيات وأدوات تحسين السيو لموقعك التي نعرفها جميعًا لدعم وزيادة فرص ظهور موقعك على نتائج البحث، وضع دائمًا في حسبانك أنه وحتى نصل إلى قائمة الخوارزميات الكاملة “السريّة وغير المعروفة” التي يعتمد عليها جوجل يجب علينا أن نطبّق كل المبادئ والخبرات التي نعرفها والتي يُشاركنا بها الآخرون، وقد شاركت معك اليوم إحدى أبرز هذه المفاتيح فلا تتجاهلها.
لا تعليق